مكان مخصص للإعلانات

أخبار

تروج وسائل الإعلام الإسرائيلية الكثير من الدعاوى الواهية بشأن العدل والرفاهية والمساواة بالداخل الإسرائيلي والباحث في تكوين المجتمع الإسرائيلي سيرى وبوضوح الهوة الشاسعة بين الطوائف اليهودية وتحديدا الشرقيين والغربيين منهم . 

فهناك العديد من الاختلافات الجوهرية والعنصرية داخل المجتمع الإسرائيلي وهذه الاختلافات كبيرة وعميقة، ولكنها ليست ظاهرة بشكل واضح، وإنما خلافات هم أنفسهم يعمدون على إخفائها ، خوفاً من تشتتهم وانقسامهم مع قلة عددهم في العالَم، ما بين اليهود الأرثوذكس والإصلاحيين والعلمانيين، وكذا الفرق اليهودية التي لا تعترف بإسرائيل كدولة (مثل "ناطوري كارتا" و"السطمار" و"بعلاز" و"حبد") أو بين "الحريديم" المتطرفين الذين يتخذون من القدس ملجأ لهم، وبينهم وبين أنفسهم يعترفون بعمق الهوة بين تلك الفرق والجماعات، وغالباً ما تظهر للعلن حينما يتعلق الأمر بقضية دينية محورية ومركزية. 


سكان إسرائيل : 

وفق تقديرات عام 2008 ، يبلغ عدد سكان إسرائيل حوالي 7.41 مليون نسمة بما في ذلك حوالي 200 ألف إسرائيلي و 250 ألف عربي في القدس الشرقية و 270 ألف في مستوطنات الضفة الغربية و 20 ألف إسرائيلي في الجولان . 

وتشكل الفئة العمرية من (15-64) سنة نسبة 64.2% من السكان ويبلغ نسبة النمو السكاني السنوي حوالي 1.6% . 

ربالنسبة للغة فتعد اللغتان العبرية والعربية لغتان رسميتان للدولة، واللغةالعبرية هى اللغة الأساسية في المناطق ذات الكثافة اليهودية والعربية . 

ويشكل اليهود 67.4% من السكان ، بينما يشكل غير اليهود نسبة 23.6% ويقسمون كالتالي 16% مسلمين و 2.2 مسيحيين 1.6 دروز و 3.9% غير محددين. 


بداية نلقي الضوء على تقسيمات اليهود في العالم بناء على الإثنية العرقية: 

هناك ثلاثة طوائف شهيرة في إسرائيل هم الأشكيناز والسفدريم والمزراحيون ، بالإضافة إلى يهود الصابرا وغيرهم من الطوائف التي لا تصل لمرتبة الثلاث طوائف السبق ذكرهم ولكن وسنخص بالذكر الأشكيناز والسفرديم لأنهم ابرز ما يعبر عن العنصرية بالداخل الإسرائيلي والهوة بينهم كبيرة . 

فالأشكيناز ترجع أصولهم إلى أوروبا الشرقية، واليهود السفارد وهم اليهود الذين أخرجوا من أسبانيا والبرتغال في القرنين الخامس عشر والسادس عشر، ثم استقر بهم المقام في منطقة حوض البحر المتوسط والبلقان وبعض المناطق الأخرى ، ويطلق عليهم مجازا الشرقيين . 

أما الطوائف الأخرى ، فالمزراحيون هم اليهود الشرقيين بالمعنى الحرفي أو يهود الشرق الأوسط ،والمزراحيون مصطلح عبري ترجمته مشرقي وتطلق هذه الكلمة على اليهود القادمين أو المنحدرين من سلالة يهود الشرق الأوسط وبعض البلدان الإسلامية.

ويتضمن هذا المصطلح أيضا يهود إيران، ويهود الجبال (القفقاس)، ويهود الهند، ويهود كردستان، ويهود جورجيا، ويهود بخارى (أسيا الوسطي) إضافة إلى يهود اليمن ويهود العراق ويهود سوريا ويهود الجزيرة العربية. 

وهؤلاء يختلفون عن السفارديم بخلفياتهم الثقافية والتاريخية، لكنهم عادة ما يشار إليهم خطأ بأنهم يهود سفارديم . 

ويعود السبب في ذلك إلى أن كثيراً منهم يتبعون النهج السفاردي في العبادة، ولعل هناك سبباً آخر هو أن كثيراً من يهود السفارديم هاجروا إلى العالم الإسلامي، وتطبعوا بأجوائه، واختلطوا بغيرهم من اليهود. 

ومن أهم فئات يهود العالم الإسلامي والشرق يهود البلاد العربية أو اليهود المستعربة، كيهود العراق واليمن الذين كانت لهم مجتمعاتهم القديمة هناك . 

ويهود الصابرا - وهم اليهود الموجودون في إسرائيل وينحدرون من أب يهودي مولود في فلسطين- ويمثلون نحو 24% من مجموع اليهود في إسرائيل. 

وتشير المجموعات الإحصائية الإسرائيلية إلى أن اليهود في إسرائيل الذين ينحدرون من أصول غربية أميركية وأوروبية على أنهم يهود أشكناز يشكلون نحو 40% من مجموع اليهود في إسرائيل والبالغ مجموعهم 5.7 ملايين يهودي في عام 2010 , في حين يشكل السفارديم 36% من مجموع اليهود في إسرائيل , وقد كانوا أغلبية كبيرة في عقد الستينيات والسبعينيات , ولكن الهجرة اليهودية الكبيرة من دول الاتحاد السوفياتي السابق منذ بداية التسعينيات من القرن الماضي أدت إلى التفوق النسبي لليهود الأشكناز . 


- اليهود الأشكناز : 


"أشكناز" هو اسم يذكر في التوراة وكان يستخدم عند الأدباء اليهود إشارة إلى ألمانيا, وعلى الأخص المنطقة الواقعة على نهر الراين. 

وجرى التوسع في استعمالها لاحقا للإشارة إلى يهود أوروبا الشرقية والوسطى والغربية ما عدا يهود البلقان الذين كانوا من السفاراديين. 

وهم يتحدثون اللغة اليديشية التي تطورت من لهجة ألمانية القديمة وتأثرت باللغة العبرية واللغات السلافية. 

وتشير دراسات مختلفة إلى أن مجموع اليهود الأشكناز في العالم يصل إلى 11 مليوناً يمثلون 83.33%، أما مجموع اليهود السفارديم فيقدرون بـنحو (700) ألف يهودي يشكلون 5.3%، حيت يصل مجموع يهود العالم الإسلامي والشرق إلى مليون ونصف المليون يهودي؛ ويمثلون 11.39% من مجموع اليهود في العالم والبالغ (13.2) مليوناً. 

يشكلون 40% من مجموع اليهود في فلسطين المحتلة . 

وقد ثبت أن كل اليهود الأشكناز ليسوا ساميين ولا ينتمون إلى الشرق الأوسط بل هم عرق ترك-مغول ولم يسكنوا الشرق الأوسط قط. 


والأشكناز هم الأقلية العرقية والحضارية المسيطرة على الحكومة والجيش والأحزاب والاقتصاد، وعلى الوجه الحضاري العام في دولة إسرائيل، وهو ما يسبب حالة اغتراب شديدة لليهود الشرقيين (السفارد)، ويعمق الفوارق الاجتماعية بين الجماعات اليهودية في المجتمع الصهيوني. 

وكلمة " أشكناز" مشتقة من "أشكنازيم" العبرية التي تشير إلى اسم أحد أحفاد نوح (عليه السلام) حسب الرواية التوراتية، ثم أصبحت تطلق على يهود فرنسا وألمانيا ونسلهم من اليهود الذين هاجروا إلى إنجلترا وشرق أوروبا (بولندا وليتوانيا). 

ويرى العديد من المؤرخين ان الأشكناز أساساً هم يهود شرق أوروبا (روسيا، بولندا) الذين يتحدثون اليديشية (وهي ألمانية العصور الوسطى بعد أن دخل عليها بعض المفردات السلافية والعبرية، وتكتب بحروف عبرية)، ويذكرون عادة مقابل كلمة سفارد بحث تترادف كلمة أشكنازي مع كلمة غربي، وأما الثانية فهي مرادفة لكلمة شرقي، وهو ترادف خاطىء ، لأن كثيرًا من يهود الشرق (الفلاشا وبني إسرائيل) ليسوا من السفارد، ومما يزيد الأمور اختلاطًا أن الحسيديين، وهم من أشد اليهود أشكنازية تبنوا بعض الممارسات الدينية السفاردية في محاولة لتأكيد استقلالهم عن المؤسسة الحاخامية الأشكنازية. 


أصول الأشكناز: 

ينتسب معظم اليهود الغربيين "الأشكناز" إلى شعوب الخزر التي اعتنق حكامها وقادتها اليهودية في القرن التاسع الميلادي، وكان الخزر جزءًا من الشعوب التركية الغربية في آسيا الوسطي، وهي الشعوب التي كانت تستوطن ما يعرف اليوم بدول وأقاليم أوزبكستان وأذربيجان، وتركمانستان، وقرغيزستان، وكزاخستان، وتركستان في الصين، وقد هاجرت إلى ما يعرف اليوم بتركيا في القرن الثاني عشر الميلادي، وما يليه بعد إسلامها، وفي حروبها مع الدولة البيزنطية، ونجحت الدولة التركية عام 1453 في القضاء على بيزنطة، واحتلال عاصمتها القسطنطينية (إسطنبول) التي صارت عاصمة ومركز الدولة التركية ورمزها أيضاً. 

ثم حصل الخزر على استقلال كامل، وأقاموا دولة خاصة بهم، وكانوا يقومون بهجرات وغارات باتجاه الشرق حتى وصلوا أوروبا الشرقية، واستقروا فيها في القرن الحادي عشر الميلادي. 

وهذه الشعوب بدأت تنتشر بينها اليهودية بعد اعتناق أحد ملوكها لليهودية، وكانت في غاراتها وهجراتها متجهة من الشرق (وسط آسيا) إلى الغرب (شمال غرب آسيا وشرق أوروبا)، واستطاع الخزر في هجراتهم، وحروبهم أن يسيطروا على أراض واسعة في حوض بحر قزوين والبحر الأسود، ويزيحوا الشعوب الأخرى نحو الشمال والغرب. 

ومع الوقت زالت قوة الخزر من الوجود، وانتهت دولتهم، واضمحل شأنهم، وربما يعود سبب ذلك إلى غياب التماسك الديني والثقافي، فقد كانت دولة الخزر تديرها طبقة حاكمة من اليهود، وأما شعوبها فكان أغلبها من المسلمين والمسيحيين والوثنيين. 

وتحولت الخزر بدولها وشعوبها إلى جزء من الأمة الإسلامية، كما حدث للترك والمغول والتتار والأفارقة والآسيويين والهنود وسائر الشعوب والبلاد التي اتصلت بالإسلام. 

ويغلب على الدراسات التاريخية أن تنسب يهود الأشكناز إلى الخزر، ولكن قد يكون أيضاً كثير من الأشكناز من الأوروبيين الأصليين، وليس فقط من الخزر، فالمعلومات والمصادر التاريخية المتاحة لا تكفي لتأكيد مقولة حصر انتساب الأشكناز إلى الخزر، ولكن المؤكد هو أنهم ليسوا من بني إسرائيل. 


- اليهود السفارد : 


وهم أساساً يهود أسبانيا والبرتغال، وحينما طردوا من هناك، إثر سقوط الحكم الإسلامي في الأندلس، اتجهوا إلى الدولة العثمانية واليونان وشمال أفريقيا. 

وللسفارديم طريقتهم الخاصة في الصلاة والطقوس الدينية , فيختلفون في المذهب عن اليهود الغربيين أو (الأشكيناز ، وكانت لهم لغة خاصة هي لادينو وكانت اللغة مزيجا من اللغة اللاتينية وتحوي كلمات عبرية، ولكنهم تحدثوا لغات البلاد التي استوطنوها، كالعربية والتركية والإيطالية. 

وسفارد اسم مدينة في آسيا الصغرى تم ربطها بأسبانيا عن طريق الخطأ ، وأصبحت كلمة «سفارد» هي الكلمة العبرية المستخدمة للإشارة إلى أسبانيا. 

وتُستخدَم الكلمة في الوقت الحاضر للإشارة إلى اليهود الذين عاشوا أصلاً في أسبانيا والبرتغال، مقابل الأشكناز الذين كانوا يعيشون في ألمانيا وفرنسا ومعظم أوروبا. 

وفي إسرائيل هناك حاخمية شرقية - أعلى هيئة دينية- تضم تحت لواءها كل اليهود من باقي الجاليات الشرقية غير السفرادية أي غير اليهود الذين نفوا من الأندلس وهم البخاريون واليمنيون ويهود بلاد الرافدين ويهود بومباي. 


المسألة اليهودية في أوربا : 

ان ما يعرف بالمسألة اليهودية في أوروبا كان يشير أساسا إلى يهود شرق أوروبا من الأشكناز، وقد ظهرت جميع الحركات الفكرية اليهودية الحديثة في صفوفهم أيضاً ، ومنها حركة الاستنارة اليهودية، واليهودية الإصلاحية، اليهودية المحافظة، قومية الدياسبورا، وأخيراً الصهيونية التي بدأت كحركة أشكنازية تهدف إلى تأسيس دولة أشكنازية، لكن يهود الشرق والعالم الإسلامي وبقايا السفارد هاجروا إليها. 

وبمجرد أن بدأت موجات الهجرة الجماعية لليهود السفارديم في التدفق على (إسرائيل) بعد عام 1948، وبدأت معها المؤسسات الإسرائيلية ذات السيطرة الأشكنازية في ممارسة عمليات التذويب القهري، والإجبار الثقافي في محاولة مستميتة منهم لنزعهم (أي السفاردين) من هويتهم اليهودية الشرقية، وسلخهم عن ماضيهم، وبذلك حكمت بالموت على الهوية الثقافية اليهودية السفاردية ذات الطابع الشرقي، ورأت أنه يجب التخلص منها، وأن تحل محلها الهوية الإسرائيلية الجديدة ذات الطابع العلماني الغربي. 


العنصرية داخل إسرائيل : 

العنصرية داخل إسرائيل ليست بالأمر الجديد ولكن في الآونة الأخيرة حدث ما فجر هذه المشكلة الداخلية الكبيرة مرة أخرى داخل إسرائيل وهو خروج اليهود الأشكيناز إلى الشوارع في تظاهرة للتعبير عن رفضهم اختلاط بنات هذه الطائفة مع الطالبات من السفارديم -أي من اليهود الذين ينحدرون من أصول أفريقية وآسيوية حسب التصنيفات الإسرائيلية- في مدرسة دينية للبنات في مستوطنة عمانويل في الضفة الغربية المحتلة. 

وهذا ما جعل ظاهرة التمييز العنصري القديمة المتجددة ضد اليهود الشرقيين والتي لن ترقى بأي حال من الأحوال إلى مستوى التمييز العنصري المفروض على الأقلية العربية داخل الخط الأخضر تبرز من جديد . 

وتشير الدراسات الإسرائيلية المبنية على نتائج مسوح اجتماعية إلى وجود تمييز ضد اليهود الشرقيين في إسرائيل الذين يشكلون 36% من مجموع اليهود في فلسطين المحتلة والبالغ 5.7 ملايين يهودي في عام 2010. 

وسبب ذلك يكمن في أن مراكز القوى في إسرائيل، سواء في المؤسسة العسكرية أو النظام السياسي بأطيافه يسيطر عليها اليهود الأشكناز، أي اليهود الغربيين، على اعتبار أنهم ركيزة وبناة الدولة اليهودية الأوائل. 


أبرز وجوه العنصرية الإسرائيلية: 

حدد علماء الاجتماع الذين ابدوا قلقهم على مستقبل إسرائيل، وجهين رئيسين لعنصريتها ، أولهما خارجي ، لأن سهام العداوة المنطلقة منه مصوبة تجاه العرب عموما، وتجاه الفلسطينيين منهم بشكل خاص. 

أما الثاني، فداخلي ، لأن سهام الكراهية والاحتقار المنطلقة منه يصوبها الإسرائيليون تجاه بعضهم بعضا، كل من موقعه، في الفئة أو الشريحة التي ينتمي إليها، ضد باقي الشرائح التي تتشكل منها بنية إسرائيل المجتمعية. 

ويتوقع المؤرخ الإسرائيلي (زئيف شترنيل) حدوث انهيارات كارثية، خلال السنوات القليلة القادمة، داخل بنية إسرائيل المجتمعية، بسبب استمرار تزايد الاستقطاب بين شرائحها المختلفة، وتزايد التمييز العنصري الذي يمارسه أفرادها ضد بعضهم من جهة، وضد العرب من جهة أخرى ، هذا، مع ضرورة الانتباه إلى أن ممارسة التمييز العنصري ضد العرب، إرادية ومقصودة تدخل في صميم البنية الأيديولوجية للصهيونية، وتعد من بين أهم أهدافها وأهداف السياسة العليا لإسرائيل. 

أما ممارسة التمييز العنصري بين الإسرائيليين أنفسهم، فمفروضة عليهم، بسبب انعدام التجانس بين أخلاطهم المختلفة ، وعجز قياداتهم المتعاقبة، ليس فقط عن صهرهم في متحد متجانس، بل عجزها عن تقليل حدة الخلافات بين شظاياهم القديمة والجديدة.

ومعايير الفرز والتصنيف التي يعتمدها فكر إسرائيل العنصري للتمييز بين اليهود أنفسهم، بعضها عرقي مستمد من العنصرية الآرية التي انحسرت، بعدما أثبت العلم الحديث بطلان أوهامها العرقية، وبعضها لوني يقول بتفوق الإنسان الأبيض، وخصوصا في جنوب إفريقيا، على الإنسان الأسود في كل شيء. 

وهناك معايير إسرائيلية بحته ، استمدها منظرو العنصرية الإسرائيلية، من بعض نصوص التوراة وتفاسيرها، بعد أن أخرجوها عن سياقها الروحي والديني، ليعطوها طابعا دنيويا ودلالة سياسية زمنية لم تكن موجودة بين دلالاتها الأصلية، حسبما يرى بعض العلماء المتخصصين في هذا المجال. 

منها معيار الهجرة إلى إسرائيل والإقامة فيها، والذي يعد الأهم بين غيره من تلك المعايير، تم استخراجها من كتابات بعض الحاخامات والمفسرين اليهود القدامى، من أمثال الحاخام (موشيه بن نحمان) والذي أضفى، في سياق تفسيره للتوراة، طابعا خاصا من القدسية على ما يسمى بـ (أرض إسرائيل)، حين زعم أن استيطانها واجب ديني، وأن القيام به يوازي القيام بكل فرائض التوراة . 

وأصبح القيام بتلك الهجرة معيارا للتمييز العنصري بين اليهود، حين جعلت المهاجرين أعلى درجة وأسمى منزلة من غير المهاجرين. 

ولأن مشروع الاستيطان ، غربي الفكرة والتخطيط، ولأن الذين قاموا بتنفيذ مراحله الأولى، كانوا من اليهود الغربيين أيضا، فقد تم وضع هؤلاء في قمة الهرم العنصري ليهود إسرائيل. 

وطيلة الخمسين سنة التي مضت على قيام إسرائيل، ظل اليهود الغربيون يقاومون محاولات المساواة بينهم وبين اليهود الشرقيين والسود، في إسرائيل، كما يعبر عن ذلك الكثير من الصحف والكتب التي أصدرها أولئك الغربيون، في فترات متلاحقة، والتي يعد كتاب (الثورة الأشكنازية) الذي صدر قبل بضع سنوات، من أبرز نماذجها ، ففي هذا الكتاب الذي أثار ضجة كبيرة، لدى صدوره، يؤكد مؤلفه (ك. كاتسنلسون)، أن (اليهودية الأشكنازية/الغربية هي صاحبة المشروع الصهيوني، وهي التي أقامت إسرائيل، وحددت آلياتها وأطرها المختلفة. 

بينما اليهود الشرقيون هم مجرد مهاجرين إليها، دخلوا في مجال آلياتها وأطرها الأشكنازية كأفراد، ولذلك فهم مجبرون على القبول باستمرار السيادة الأشكنازية على مختلف مناحي الحياة الإسرائيلية). 

وإذا كانت نظرة اليهود الغربيين لليهود الشرقيين، على هذه الدرجة من الاستعلاء العنصري، فهي ولاشك، أكثر استعلاء وسلبية بالنسبة لليهود السود، في إسرائيل. 




ممارسات عنصرية من يهود الأشكيناز تجاه السفارديم : 


لا ينعم اليهود في إسرائيل بالديمقراطية والمساواة والعدل، على اختلاف أصولهم وألوانهم ومذاهبهم الطائفية والأيديولوجية، كما تزعم وسائل الإعلام الإسرائيلية، لأن هذا النعيم حكر على اليهود الغربيين دون سواهم من يهود إسرائيل، كما يؤكد البروفيسور (يسرائيل شاحاك) في بعض انتقاداته اللاذعة لواقع التمييز العنصري الذي جعل من إسرائيل ـ كما يقول ـ (جنة فعلا، ولكن لليهود الغربيين فقط). 

يمارس الأشكيناز سياسة الاضطهاد الثقافي ضد اليهود السفارديم , ولم يكن ذلك قاصرا على المناهج الدراسية فحسب وإنما في جميع نواحي الحياة، مثل ، الإذاعة الصوتية والإذاعة المرئية والأدب والمسرح وغيره. 

وتصور هذه الوسائل الإعلامية اليهود السفارديم كأنهم بدائيون، لا يملكون أية سمات حضارية عدا الفلكلور الخاص بهم، وتحاول طمس هويتهم الشرقية، سعياً نحو فرض الثقافة الأشكنازية ذات الطابع الغربي لخلع التراث الشرقي عن اليهود السفارديم، ولدفعهم قسراً نحو مسيرة التحديث، وتمثل النموذج الأوروبي الغربي، والتخلي عن الطابع اليهودي المغرق في تدينه وعزلته , لأنه يذكرهم بصورة اليهودي البائس الذليل في حواري الجيتو الكئيب. 

وقد قامت عملية القمع الثقافي تجاه الجماعات اليهودية غير الأشكنازية في إسرائيل على محورين رئيسين: 

الأول: مسح الهوية الثقافية لهذه الجماعات، بدفعهم طوعاً أو كرهاً للتخلي عن هويتهم ونبذ عاداتهم وكراهية تقاليدهم المتوارثة ونسيان جذورهم الثقافية. 

الثاني: إعادة التشكيل القسري لهوياتهم، وفيها يتربون بمختلف وسائل الترغيب والترهيب على تبنى النمط الأشكنازي العلماني.


وتؤكد الدراسات الإسرائيلية أن نسبة الحاصلين على شهادة الثانوية العامة بين الطلاب من أصول شرقية تصل إلى 51%، وتعد هذه النسبة أقل بـ22% من نسبة الطلاب اليهود من أصول غربية والبالغة نحو 73%، والفجوة بين الطلاب الذكور من المجموعتين وصلت إلى 25%، مقارنة بنسبة 17%لدى الإناث. 

ويظهر من النتائج أن الطلاب الذين ولد آباؤهم في إسرائيل يتواجدون في أعلى قائمة الحاصلين على شهادة الثانوية ، وتبلغ نسبتهم 80%، في مقابل ذلك لا تتعدى نسبة الحاصلين على شهادة الثانوية بين الشباب اليهود الشرقيين الذين ولدوا خارج إسرائيل 46%. 

وتصل النسبة لدى الشباب الذين يعتبرون الجيل الأول في إسرائيل 49%، بينما تصل النسبة بين الشباب الذين ولد آباؤهم في إسرائيل إلى 56%. 

وأكدت دراسات قسم العدل الاجتماعي والديمقراطية في معهد البحوث ""فان ـ لير"، بأن تلك الظواهر السابقة مقلقة وخطرة، ومن المحتمل أن تسوء أكثر إذا لم يجر تغيير في سياسة توزيع المصادر. 

والوضع الاقتصادي يشكل عاملاً إضافياً، يمنع الطلاب اليهود اللذين ينحدرون من أصول شرقية من التحصيل التعليمي مقارنة مع الطلاب من أصول غربية. 

إضافة إلى التمييز في مجال التعليم ، حيث يعاني اليهود السفارديم من تمييز آخر بالإضافة إلى التمييز في المجال العلمي حيث أصبح من الضروري ألا يكون رئيس الوزراء الإسرائيلي منحدرا من أصول شرقية . 

فبعد مرور 62 عاماً على إنشاء إسرائيل (1948-2010) مازال اليهود الغربيون الأشكناز يتحكمون بمفاصل الحياة بكونهم مؤسسين الأوائل لإسرائيل. 

وعلى الرغم من التمييز العنصري ضد اليهود الشرقيين في إسرائيل في مجالات التعليم والاقتصاد والمؤسسات الإسرائيلية الإستراتيجية والجيش ، إلا أنه لا يمكن مقارنة ذلك مع درجات التمييز العنصري التي تعاني منها الأقلية العربية في إسرائيل فهذا التمييز أسوأ مما يتم القيام به ضد السفارد . 

فراتب العامل العربي متدن، مقارنة مع راتب العامل اليهودي في نفس المهن لا يكاد يذكر ، وهذا فضلاً عن الموازنات المقتطعة للبلديات العربية، التي تعتبر بائسة مقارنة بالموازنات للبلديات الإسرائيلية اليهودية . 

كما أصدرت المؤسسات الإسرائيلية قوانين تحرم الفلسطينيين الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية من الترشيح لرئاسة الوزراء والعمل في مؤسسات إستراتيجية . 

هذا بالإضافة الى محاولات إسرائيل المستميتة في ترسيخ فكرة يهودية الدولة ، حيث سيتم من خلالها عملية تهميش مقصودة للأقلية العربية داخل إسرائيل. 

وهناك تصنيف أكثر دقه للعنصرية بالداخل الإسرائيلي صدر عن مركز الجزيرة للدراسات الاستراتيجية على النحو التالي : 

أولا ، عنصرية في الممارسات السياسية : 

يخرج معظم كبار رجال الاقتصاد، وكبار العلماء والمفكرين أيضا، بينما يقل عدد هؤلاء جميعا، وإلى درجة كبيرة، بين أبناء اليهود الشرقيين والسود. ولا أدل على ذلك، من عدم ظهور أي رئيس حكومة إسرائيلي شرقي الأصل أو أسود اللون. 

كما أن الوزارات الإسرائيلية، وإلى وقت قريب، لم تضم بين أعضائها سوى القليل جدا من الوزراء غير الغربيين. 

وحتى الذين وصلوا إلى مناصب حكومية رفيعة، من بين الشرقيين، كبلت أصولهم الشرقية أيديهم، إلى حد البطالة، في معظم الأحيان، وجعلتهم مجرد دمى في أيدي الغربيين أصحاب السلطة الحقيقيين، أو مجرد قطع ديكور لابد من وجودها لإضفاء المصداقية على وهم الديموقراطية الإسرائيلية. 

وأبرز مثال على هذا النمط من الوزراء (دافيد ليفي) المغربي الأصل الذي ظل يبدو، في نظر كثيرين، حين كان يشغل منصب وزير خارجية إسرائيل، وزيرا مع وقف التنفيذ، سواء في حكومة نتنياهو المنصرفة، أو في حكومة شامير الثانية، وذلك بالمقارنة مع غيره من وزراء خارجية إسرائيل ذوي الأصول الغربية. 

ثانيا ،عنصرية في الممارسة التربوية: 

يقول علماء التربية والاجتماع من اليهود الشرقيين، إن الغربيين الذين احتكروا وضع المناهج الدراسية لطلاب إسرائيل، منذ قيامها، وخصوصا في المرحلة الابتدائية، لم يتورعوا عن تجاهل تاريخ البلدان الشرقية، تجاهلا شبه تام، ويضيف هؤلاء، بنبرة لا تخلو من الغضب ، وحتى في المادة القليلة التي تدرس للطلاب الإسرائيليين. 

وحتى المادة الضئيلة التي تتحدث عن تاريخ اليهود في البلدان الشرقية هي، في معظمها، مادة مليئة بالتزييف والمغالطات، كما أنها مادة مغرضة تسعى لتكريس الفارق العنصري بين الشرقيين والغربيين من يهود إسرائيل. 

وقد يبدو هذا كله، على فظاظته وقبحه وعدم إنسانيته، أهون بكثير من ممارسة سياسة الفصل العنصري، على أساس عرقي أو لوني، بين طلاب المدارس الإسرائيلية، إذ يفرد للطلاب الشرقيين والسود، في الكثير من تلك المدارس، صفوف خاصة يعزلون فيها، وكأنهم الوباء، عن زملائهم الغربيين. 

وحسب المعطيات الإسرائيلية نفسها، لا يتعرض الطلاب الشرقيون والسود للتمييز العنصري من قبل زملائهم الغربيين فحسب، بل حتى من قبل المشرفين على مدارسهم أيضا. 

وفي بعض المدارس الأكثر تطرفا، في عنصريتها، يتم رفض دخول الطلاب الأثيوبيين السود إليها، بحجة أن أولياء أمور الطلاب الغربيين، في تلك المدارس يطلبون عدم إدخال السود، إلى الصفوف التي يتعلم فيها أولادهم، لأسباب مختلفة وغريبة، منها ادعاؤهم بأن مستوى تعليم أولادهم سيصبح متدنيا إذا شاركهم السود مثلا، في صفوفهم، ومنها أن أولاد الأثيوبيين غير نظيفين، إلى غير ذلك من الملاحظات التي تفوح منها رائحة العنصرية السيئة. 

كما تعترف الباحثة الإسرائيلية (دوريت جيفن)، في دراسة لها، حول أوضاع اليهود الأثيوبيين في إسرائيل، نشرتها في صحيفة (عل همشمار) الصادرة بتاريخ في منتصف عام 1994 وتخلص (جيفن) في ختام تلك الدراسة إلى القول، بصريح العبارة: (إن المجتمع الإسرائيلي ليس بالمجتمع السمح والمنفتح، كما أنه ليس بالمجتمع السهل، لأن أفراده يكثرون من إلصاق الصفات السلبية والسيئة بالجماعات العرقية المختلفة غير اليهودية، أو اليهودية الوافدة إلى إسرائيل، كما يكثرون من الاستهزاء بأبناء هذه الجماعات). 


ثالثا عنصرية في الثقافة: 

أكد الأديب الإسرائيلي العراقي الأصل (سمير النقاش) أن الحرب الدائرة، في إسرائيل، بين يهودها الشرقيين والغربيين، هي حرب ثقافية وأدبية، وليست حربا اجتماعية أو طبقية أو سياسية فقط. 

كما يؤكد أن الغلبة في هذه الحرب هي، حتى الآن، لصالح الثقافة الغربية، وأنه من غير المحتمل، مستقبلا، أن تتساوى الثقافتان الغربية والشرقية، في إسرائيل، إذا ما استمرت أولاهما في السيطرة على الثانية. 

و يقول النقاش: (إن الأشكنازيم، لا يستطيعون أن يتصوروا، وجود أديب يهودي يكتب باللغة العربية، مثلا...). ثم يتابع، ساخرا من امتداد عنصرية اليهود الغربيين حتى إلى اللغة العبرية التي لم يكتفوا بمصادرتها، ونفي أصلها الشرقي، فحسب، بل عمدوا، أيضا، إلى تغيير نطق بعض حروفها غير الموجودة في اللغات الأوروبية، حتى تبدو مناسبة لرغبتهم العنصرية، في اعتبارها رمزا للانتماء إلى إسرائيل التي يرفضون أن يكون أي وجه من وجوهها شرقي الأصل. 

وأضاف النقاش: (هنا تسيطر الثقافة الأشكنازية الغربية، وقد امتدت سيطرتها حتى إلى اللغة العبرية ، لقد أخضعوا حتى العبرية الفصحى للثقافة الأشكنازية، وأجبرونا، نحن الشرقيين، على لفظ الحاء والراء والقاف، مثلا، حسب النطق الأشكنازي الغريب على لهجة العبرية الفصحى). 

وإذا كان موقف يهود إسرائيل الغربيين، على هذه الدرجة من العنصرية، تجاه ثقافة يهودها الشرقيين، فإن موقفهم من ثقافة السود، ولاسيما الأثيوبيين المعروفين بـ (الفلاشا)، هو أشد عنصرية، لأنه يقوم على عدم الاعتراف بأي ثقافة خاصة كانت لهم، قبل تهجيرهم إلى إسرائيل. 

وجملة القول أن العنصرية بالداخل الإسرائيلي باتت خطرا يداهم هذا الكيان الهلامى الذي رسخ بداخلة ميكروب العنصرية الذي يفت في عضده وكما يرى الباحثون يجعل من إسرائيل تقترب لحافة الهاوية ، وكان هذا واضحا في ضوء ما تشف عنه اللقطات السريعة الآنفة لبعض جوانب العنصرية التي يمارسها يهود إسرائيل الغربيين، ضد يهودها الشرقيين ، ويبدو واضحا أيضا أن توصيف إسرائيل بـ (واحة الديموقراطية والعدل والمساواة)، في شرقنا، ما هو، في الحقيقة، سوى توصيف دعائي خادع، باعتراف بعض الإسرائيليين أنفسهم، ورغم أنف وسائل إعلامهم التي تروج لهذا التوصيف. 




المراجع أو المصادر 

مركز الجزيرة للدراسات 
مركز القدس للدراسات الإستراتيجية 


                                                                              أسماء بدوى فتحى
اقراء المزيد

الصدوقيون

assadokioun saducees
الصدوقييون في عهد سيدنا عيسى

Saducees

«الصدوقيون» مأخوذة من الكلمة العبرية «صِّدوقيم»، ويُقال لهم أحياناً «البوئيثيون Boethusian». وأصل الكلمة غير محدَّد. ومن المحتمل أن يكون أصل الكلمة اسم الكاهن الأعظم «صادوق» (في عهد سليمان) الذي توارث أحفاده مهمته حتى عام 162 ميلادية. و«الصدوقيون» فرقة دينية وحزب سياسي تعود أصوله إلى قرون عدة سابقة على ظهور المسيح عليه السلام. وهم أعضاء القيادة الكهنوتية المرتبطة بالهيكل وشعائره والمدافعون عن الحلولية اليهودية الوثنية.
وكان الصدوقيون، بوصفهم طبقة كهنوتية مرتبطة بالهيكل، يعيشون على النذور التي يقدمها اليهود، وعلى بواكير المحاصيل، وعلى نصف الشيقل الذي كان على كل يهودي أن يرسله إلى الهيكل، الأمر الذي كان يدعم الثيوقراطية الدينية التي تتمثل في الطبقة الحاكمة والجيش والكهنة. وكان الصدوقيون يحصلون على ضرائب الهيكل، كما كانوا يحصلون على ضرائب عينية وهدايا من الجماهير اليهودية. وقد حوَّلهم ذلك إلى أرستقراطية وراثية تؤلِّف كتلة قوية داخل السنهدرين.
ويعود تزايد نفوذ الصدوقيين إلى أيام العودة من بابل بمرسوم قورش (538 ق.م) إذ آثر الفرس التعاون مع العناصر الكهنوتية داخل الجماعة اليهودية لأن بقايا الأسرة المالكة اليهودية من نسل داود قد تشكل خطراً عليهم. واستمر الصدوقيون في الصعود داخل الإمبراطوريات البطلمية والسلوقية والرومانية، واندمجوا مع أثرياء اليهود وتأغرقوا، وكوَّنوا جماعة وظيفية وسيطة تعمل لصالح الإمبراطورية الحاكمة وتساهم في عملية استغلال الجماهير اليهودية، وفي جمع الضرائب.
ولكن، وبالتدريج، ظهرت جماعات من علماء ورجال الدين (أهمهم جماعة الفريسيين) تلقوا العلم بطرق ذاتية، كما كانت شرعيتهم تستند إلى عملهم وتقواهم لا إلى مكانة يتوارثونها. وكانوا يحصلون على دخلهم من عملهم، لا من ضرائب الهيكل. وقد أدَّى ظهور الفريسيين، بصورة أو بـأخرى، إلى إضعاف مكانة الصدوقيين. ومما ساعد على الإسراع بهذه العملية، ظهور الشريعة الشفوية حيث كان ذلك يعني أن الكتاب المقدَّس بدأت تزاحمه مجموعة من الكتابات لا تقل عنه قداسة. كما أن الكتب الخفية والمنسوبة وغيرها من الكتابات كانت قد بدأت في الظهور. وقد ساهم الأثر الهيليني في اليهود في إضعاف مكانة الصدوقيين الكهنة، فقد كان اليونانيون القدامى يعتبرون الكهنة من الخدم لا من القادة. وكانت جماعات العلماء الدينيين (الفريسيين) أكثر ارتباطاً بالحضارة السامية وبالجماهير ذات الثقافة الآرامية. لكل هذا، زاد نفوذ الفريسيين داخل السنهدرين وخارجه، حتى أنهم أرغموا الكاهن الأعظم على أن يقوم بشعائر يوم الغفران حسب منهجهم هم. وقد وقف الصدوقيون، على عكس الفريسيين، ضد التمرد الحشموني (168 ق.م)، ولكنهم عادوا وأيدوا الملوك الحشمونيين باعتبار أن الأسرة الحشمونية أسرة كهنوتية (ابتداءً من 140 ق.م). ولا يمكن فَهْم الصراعات التي لا تنتهي بين ملوك الحشمونيين إلا في إطار الصراع بين الحزب الشعبي (الفريسي) وحزب الصدوقيين. وقد أيَّد الصدوقيون بعد ذلك الرومان.
وارتباط الصدوقيين بالعناصر الحلولية البدائية في التركيب الجيولوجي التراكمي اليهودي واضح، فهم لا يؤمنون بالعالم الآخر ويرون أنه لا توجد سوى الحياة الدنيا وينكرون مقولات الروح والآخرة والبعث والثواب العقاب. ومن المهم أن نشير إلى أنهم، برغم رؤيتهم المادية الإلحادية، كانوا يُعتبَرون يهوداً، بل كانوا يشكلون أهم شريحة في النخبة الدينية القائدة. وقد اعترف بيهوديتهم الفريسيون، وكذلك الفرق اليهودية الأخرى كافة رغم رفضهم بعض العقائد الأساسية التي تشكل الحد الأدنى بين الديانات التوحيدية. ولعل هذا يعود إلى طبيعة العقيدة اليهودية التي تشبه التركيب الجيولوجي التراكمي، وإلى أن الشريعة اليهودية تُعرِّف اليهودي بأنه من يؤمن باليهودية، أو من وُلد لأم يهودية حتى ولو لم يؤمن بالعقيدة. وحينما كان فيلسوف العلمانية باروخ إسبينوزا يؤسِّس نسقه الفلسفي المادي، أشار إلى الصدوقيين ليبرهن على أن الإيمان بالعالم الآخر ليس أمراً ضرورياً في العقيدة اليهودية، وأنه لا توجد أية إشارة إليه في العهد القديم.
وقد كان الصدوقيون يرون أن الخالق لا يكترث بأعمال البشر، وأن الإنسان هو سبب ما يحل به من خير وشر. ولذا، فقد قالوا بحرية الإرادة الإنسانية الكاملة. وكانوا لا يؤمنون إلا بالشريعة الشفوية، كما كانوا يقدمون تفسيراً حرفياً للعهد القديم، ويحرِّمون على الآخرين تفسيره. وكانوا يدافعون أيضاً عن الشعائر الخاصة بالهيكل والعبادة القربانية، ويرون أن فيها الكفاية، وأنه لا توجد حاجة إلى ديانة أو عقيدة دينية مجردة، ولا حاجة إلى إقامة الصلاة أو دراسة التوراة باعتبار أن ذلك شكل من أشكال العبادة. ويُقال إنه بينما كان الصدوقيون يحاولون (كما هو الحال مع الديانات الوثنية) أن ينزلوا بالخالق إلى مقام الإنسان والمادة، حاول الفريسيون (على طريقة الديانات التوحيدية) الصعود بالإنسان كي يتطلع إلى الخالق ويتفاعل معه. ويُعَدُّ الصدوقيون في طليعة المسئولين عن محاكمة المسيح في السنهدرين. وقد اختفت هذه الفرقة تماماً بهدم الهيكل (70م) نظراً لارتباطها العضوي به.
عبد الوهاب المسيري

اقراء المزيد
زعيم صهيوني والرئيس الأول لإسرائيل من 1948 الى 1952 وهو صيدلي. هو من قام بالمفاوضات التي أدت الى وعد بلفور التي أعلنت فيه بريطانيا دعمها لدولة يهودية مستقلة. 
ولدت في روسيا وأصبح مواطن بريطاني متجنّس. عمل كمدير لمختبر من 1916 الى 1919 إكتشف طريقة صناعة الأسيتون. بعد هجرتة الى فلسطين اصبح رئيس الجامعة العبرية في القدس، ثمّ في 1948 أصبح الرئيس الأول لإسرائيل. 
اقراء المزيد


الأعضاء من طائفة ناطوري كارتا في مظاهرة ضد مهاجمة وتجويع الشعب الفلسطيني
ناطوري كارتا (آرامية "נטורי קרתא أي حارس المدينة" ; العبرية "שׁוֹמְרֵי הָעִיר") هي حركة يهودية أرثودكسية ترفض الصهيونية بكل أشكالها وتعارض وجود دولة إسرائيل. تعدادهم يقارب 5000 ويتواجدون في القدس ولندن ونيويورك.
جماعة دينية يهودية تم تأسيسها في سنة 1935. تعارض هذه المجموعة الصهيونية وتنادي بخلع أو إنهاء سلمي للكيان الإسرائيلي.
حيث أنها تقتنع بأنه يمنع اليهود من الحصول على دولة خاصة بهم حتى مجيء المسيح. يتمركز أتباع هذه الجماعة في القدس ولندن ونيويورك. المعنى الحرفي لأسمهم هو حراس المدينة.

المعتقدات

يركز أتباع هذا المذهب على الأدب الحاخامي والذي ينص على أنه وبسبب خطايا اليهود فإنه تم طردهم من أرض إسرائيل. كما أنهم يعتبروا بناءً على التلمود البابلي بأن أي محاولة لاسترداد أرض إسرائيل بالقوة هي مخالفة للإرادة الإلهية. ويعتقدون بأن إعادة دولة إسرائيل ستتم فقط عندما يأتي المسيح. أقر الحاخام موشيه هيرش بأن الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات هو القائد الشرعي والقانوني لدولة فلسطين، والتي تشمل ما يعرف بدولة إسرائيل.

التاريخ

شعار "لا لدولة إسرائيل" تستعمل كثيراً من قبل الأعضاء ناطوري كارتا.
معظم أتباع هذه الطائفة ينحدرون من أصول مجرية والذين استقروا في المدينة القديمة للقدس في بداية القرن التاسع عشر، وكذلك من اليهود الليتوانيين الذين كانوا طلاب هناك.
كانت هذه الطائفة مخالفة للسياسات الجديدة المنبثقة عن الصهيونية والتي كانت تهدف إلى تحقيق سيادة لليهود على أرض فلسطين التي كانت تحت الحكم العثماني. كان من ضمن حججهم لمعارضة هذه الفكرة نقاشات تلمودية بخصوص مقاطع في الإنجيل والتي تتعلق باتفاقية ما بين إلههم والشعب اليهودي وأمم العالم والتي حدثت عندما تم نفي اليهود. نص الاتفاق على:
  • أن اليهود يجب ألا يقوموا بالثورة على الشعوب غير اليهودية والتي منحتهم مأمن ومأوى، كما هو الحال في سماح الدولة العثمانية لهم بالوفود والإقامة في فلسطين وكذلك الأمر فيما يخص اتفاقية فيصل-وايزمان.
  • أنهم لا يجب أن يقوموا بهجرات جماعية إلى فلسطين. بالمقابل تنص الاتفاقية على أن الأمم غير اليهودية تعد بأن لا تضطهد اليهود بشكل قاسي.
معارضتهم لدولة إسرائيل والصهيونية استمرت تحت قيادة حاخامهم أمرام بلو. ترفض هذه الطائفة دفع الضرائب لدولة إسرائيل حيث أنهم لا يعترفون بها. وصل الأمر بهذه الطائفة إلى أنهم لا يقبلون لمس أي عملة ورقية أو نقدية تحمل صور وشعارات للصهيونية. لا يقترب أعضاء هذه الطائفة من حائط البراق حيث يعتقدوا بأنه تم تدنيسه من قبل الصهاينة ومصالحهم. مما يجدر ذكره أن زعيم هذه الطائفة خدم كوزير لشؤون اليهود في عهد الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات.
اشترك عضوان من هذه الطائفة بالصلاة على الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في باريس، فرنسا. كما اشترك الحاخام موشيه هيرش في جنازة الرئيس ياسر عرفات.

علاقتهم مع إيران والرئيس محمود أحمدي نجاد

في شهر تشرين أول من عام 2005 قام زعيم هذه الطائفة وهو يسرول دوفيد ويس بالإدلاء بتصريحات تنتقد الهجوم اليهودي على الرئيس محمود أحمد نجاد. حيث قال ويس بأن تصريحات أحمدي نجاد لم تدل على أحاسيس معاداية لليهود بل كانت رغبة بالوصول إلى عالم أفضل وأكثر أماناً وكما كانت إعادة تأكيد لمعتقدات وتصريحات آية الله الخميني والذي كان يركز على احترام وحماية اليهود واليهودية. في شهر آذار من سنة 2006 زار عدد من أعضاء هذه الطائفة والتقوا برجال الدولة الإيرانيين وأشادوا بمقولة الرئيس أحمدي نجاد "أن دولة إسرائيل يجب أن تمحى من التاريخ" كما أنهم قالوا بأنهم لم ينزعجوا من إنكار أحمدي نجاد للهولوكوست. علق الحاخام ويس في مقابلة له بالقول "يستغل الصهيونيون مسألة الهولوكوست لتحقيق أهدافهم. نحن اليهود الذين قتلنا في المحرقة يجب أن لا نستغلها لتحقيق مآربنا.... ما نريده ليس فقط الانسحاب إلى حدود 67 بل عودة الدولة كاملة إلى حكم الفلسطينيين، ونستطيع نحن أن نعيش معهم".

مؤتمر طهران بخصوص الهولوكوست

أعضاء من يهود الناتوري كارتا خلال وجودهم في المؤتمر الدولي لمراجعة الرؤيا العالمية للهولوكوست.
في شهر كانون أول من عام 2006 حضر أعضاء من هذه الطائفة المؤتمر الدولي لمراجعة الرؤيا العالمية للهولوكوست والذي جذب عدداً من المنكرين للهولوكوست.
تالياً مقاطع من كلمة الحاخام ويس والذي حضر المؤتمر:"يصعب القول بأن اليهود لم يعانوا من الهولوكوست.... يمكنني القول أنني الممثل والصوت لهؤلاء اليهود الذين تم إبادتهم حيث أن قد تم قتل أجدادي هناك. كانت عائلتي من هنغاريا. هرب والدي لكن أبواه بقيا هناك، لم يستطع إخراجهم من هنغاريا. لا يمكن أن يتم دحض وتفنيد حقيقة الهولوكوست لكن هذا لا يعني أن تصبح الهولوكوست أداة للضغط على الناس"(3). كما قام الأعضاء الحاضرين بالإشادة بالرئيس أحمد نجاد والذي نادى بتدمير الدولة الصهيونية كإشارة للتمييز بين اليهودية والصهيونية.

المصادر: ويكيبيديا

اقراء المزيد